الحب والمال داء ودواء
الحب والمال داء ودواء
متى بدأت أفكر في المال ؟ كيف أصبح المال براقا والهاجس الأكبر لنفسي ؟ هل أصل الى
حلمي وأحقق ما يدور في خيالي ؟ طريق المال ليس مغلقا وليس مفتوحا ؟ أين بدايته ؟
المال قلق وهم في الماضي والحاضر
كنت أشعر بالإحباط والخيبة ، أصدقائي أقصد من كانوا أصدقائي في الماضي أثرياء ،
عندما كنا طلابا، كنت أذكى منهم ، كان مستواهم الدراسي أقل الدرجات ، يقبعون أسفل
السلالم ، أصبحوا اليوم في أعلى الدرجات ، بل وصل أحدهم الى ما يقارب مرتبة وزير ،
رغم غباؤه ، وبعضهم مقاولون وبعضهم تجار ، وآخرون مضاربون في البورصة ..كنا أصدقاء
وفرق بيننا المال ..
أشعر بالخيبة ، وتسيطر على نفسي سحابات القلق والغم عندما ألتقي بأحدهم ،
فيتجاهلني أو يتباهى بما وصل إليه،وكأنه يقارن الماضي بالحاضر، أو كأنه يقول ليست
الشهادة كل شيء ...بل حتى العلم والدراسة ليست هي النهاية ...
المال حظ أم ذكاء واجتهاد
ربما القدر ..ربما الصدفة ..وربما الحظ يغير كل شيء ويقلب الأمور ويغير كل شيء ،
قد ينزل المال من السماء وقد يتفجر ينابيع تحت الأقدام ..الحظ والمال لا تراه ل
العيون ولا تدركه كل العقول فهو شفاف يختفي عن البعض ويظهر للبعض الأمر غريب ، ليس
شرط فيه الذكاء، ولا يكفي التعب والجد والاجتهاد ، ربما التفكير الدائم فيه
قد يكون بداية الطريق وليس نهايته ، بدون المال النفس متعبة مجهدة والحرمان يزيد
الهم والغم ، فكل شيء بالمال حتى الحب لا يأتي للجيوب الفارغة وليس هنا من
تعشق المحروم ربما تشفق عليه أيام ولكن سرعان ما تبتعد وتفكر في غيره...
وتجد نفسك مريضا مرهقا تعيسا ،المال يفتح طريق الحب والغرام ويملأ الروح بالأمل
وتبتسم العيون لك وتشعر وكأن العالم كله يحبك، كل النساء تعشقك....
المال يعيد الحياة للنفوس المرهقة
لاتيأس ، المال أمامك أغرف منه ماتشاء ، ابحث عنه فكل الدروب تؤدي إليه ، فكر فيه
كثيرا يأتي إليك سريعا ، فتمتلىءجيوبك ، فتشفى من آلامك وتهدأ نفسك وتخف أوجاعك ،
فتجصل على ما تريد وتحقق أحلام الطفولة والصبا ، وتصبح رجل الخير ذو اليد السخية ،
فتنحني لك الرؤوس وتبتسم لك الشفاه ،فتشتري أحدث العربات ....هل يعني أن المال مرض
....حبه وجمعه والحرص عليه ومحاولة الوصول إليه بأي وسيلة ، حتى لو خسر في هذه
الرحلة شبابه وأيامه وأحلى ساعات عمره ...ولكن هل العمر له قيمة بلا مال بلا قوة
ولا سلطان ...المال قوة ونفوذ ذراع طويلة تصل به الى ما تريد .....
المال يشفي النفوس من داء الحرمان ويسعد القلوب المتعبة ويخفف عنها شقاء الأيام
وثقل الزمان ويرسم البسمة على الشفاه التعيسة ..قدم الى طقل قليلا من المال ، تسمع
ضحكته ترن في أذنيك ، وترى السعادة تنطق بها عيناه ، وقدم المال الى محروم أو
محتاج ، تتغير ملامحه وختلف لونه وكأنه إنسان في بئر يواجه ثعبان وأنقذته أو كأنه
مريض بشلل ووقف فجأة على قدميه ...هل رأيت سحر المال على شفاء النفوس المريضة من
كل داء ...ولذا قدمه الله على كل شيء حتى على البنين وحمل أصحاب المال الكثير من
المسؤوليات تجاه أمتهم ...
المال داءاذا سيطر على الانسان غير سلوكه وفكره وربما أصبح وحشا يأكل أقرب الناس
إليه لايتورع عن غرس إنيابه في أخيه وأبيه ....
المال مرض العصر ودواء لكل داء
ولكن ، هل المال مرض ...لا ، بل هو دواء للنفوس ، يعيد إليها الحياة والبهاء ،
وتتغير معه كل الأساليب والإتجاهات ، ما كان بالأمس خامل منزوي لايشعر به أحد ،
يصبح في الواجهة مثار الاهتمام ،من كان كئيبا عابسا اذا رأى المال ضحك
وتهللت أساريره ، واذا أغمي على بخيل وأسمعوه رنين الذهب ، قفز على قدميه، فالذهب
له سحرالكيمياء ...أما اذا كان محتاج للمال ، فستعود اليه الروح بعد خروجها ..قد
لا يكون المال السبب الوحيد للسعادة ، أو العلاج الوحيد لمرض الفقر والحاجة ولكنه
ضروري حتى لو توفرت كل الأسباب وغاب هو من الميدان غابت معه السعادة وراحة البال
وطل الخوف وقلق وغرس أنيابه في الحاضر والمستقبل
المال قد يصبح مرضا بلا شفاء
كثير ينسى أن المال بلا حياة لاقيمة له اذا ذهب ذهب المال ولا يرحل
كما كان يظن الفراعنة فتركوا المال في القبور ، حتى أتى من استولى على المال وترك
الهياكل والعظام عارية ، تذكر أن المال عصب الحياة ولا قيمة له بعد الفناء، ولكن
من أصبح مريضا بعشق المال يبعثر العمر ويفني المال ، فكن حذرا ولا تنس أن عمرك
أيام
إرسال تعليق